الخميس، 10 يونيو 2010

مُلحد ! .. وسعودي !




كانت بدايتي مع صديقتي "هُدى" .. والتي تملك قناة في الـ (You Tube)
حين أفصَحَت لي عن هوسها وشغفها بالدعوة للإسلام
تحاور الجميع بتنوع دياناتهم .. وعقائدهم .. ولغاتهم
تنصح هذا .. وتوجه ذاك .. ولا ترتجي سوى الأجر من الله
أخبرتني ذات مرة تلك الجميلة ..
أنها تحاور ملحداً .. كان ينتمي لصفوف المسلمين .. ثم حاد عنها
أبديت امتعاضي .. و استيائي ..
كيف لقلبه أن يرتاح بعد أن زاغ عن الحق !
كنت واثقة أن من حوله ممن يعبدون غير الله قد أثروا على تفكيره!
وحشروا في عقله فيروسات من الشكوك والظنون 
حتى ارتد عن طريق الصواب ..
ثم اندفعت كعادتي لأسطر الجانب المضيء من القصة ..
وأنه من الجيد أن لدى ذلك "الأجنبي" خلفية وفكرة عن الإسلام
بحكم انتسابه له لفترة مؤقتة ..
فذلك بنظري سيجعل النقاش معه أسهل وأيسر
وفرصة إقناعه بالعودة أكبر ..
بابتسامتها النقية .. هزت هُدى برأسها
وقالت : سعــودي !!

في سنوات عمري المعدودة
سمعت عن سعودي صايع!
سعودي ضايع! .. سعودي عاطل!
سعودي عربجي! .. سعودي مخلوع!
سعودي مضروووب!
حتى سعودي مطلوب للعدالة تبدو مألوفة لدي ..
لكن سعودي مُـلحد !!
كان وقعها على أذني رهيباً ...
وكأنها دقات أجراس تلك الكنائس المشيدة
في صحراء خيالي ..
احتجت أن أعيدها لعدة مرات كي أعي أنه واقع
وأن الواقع أحيانا أغرب من الخيال!
ربما هي ليست صدمة للبعض كما كانت بالنسبة لي
لكنها نظرتي القاصرة ..!
واستراتيجية التعميم السقيمة
أنّنا جميعا .. عاقلون .. طيبون .. مؤمنون !!

شدني الموضوع كثيراً .. واشتقت لأن اعرف أكثر
قصت لي جميلتي هدى ما دار بينها وبين عدة "ملحدين"
قررت أن المس الواقع بنفسي ..
في ذلك اليوم .. أدرجتهم ضمن جدول أعمالي  ..
دخلت على قنواتهم .. مدوناتهم .. عالمهم
وليتني لم أدخل << فيس يلطم وجهه
لا أعلم .. هل هي حماقة .. أم بلاهة .. أم محاولة لجذب الانتباه؟
أو ربما هي علامة لانتهاء صلاحية عقولهم ؟
بعضهم قد بلغ من الجرأة مع الله مبلغاً .. قد يصل لهدر الدماء
لا أُفتي .. لكن هذا ما أراه
يتساءلون .. هل هناك إله؟
وإذا كان .. فأين هو ؟ لما لا نراه .. لا نسمعه
يؤمنون بأن الكون خلق نفسه !
"ويشطحون" لمبادئ أراهن أنهم لا يعرفون منها
إلا مسمياتها .. 
الوجود! و العدم ! و أصل المادة !
لما الجنة؟ ولما النار؟
وإن كان من خلقنا حقاً يحبنا .. فلما يعذبنا بالنار؟
ويتساءلون ماذا سيحل بنا بعد الموت؟
اتفقنا وهم أنّا جميعا سنتحلل .. وفقا لقوانين الطبيعة طبعاً !!
لكن لا بعث .. لا حساب .. لا حياة آخرة بعد الموت !
وما وثقت أنني سأجدها مزروعة في عقولهم
هي نظرية "داروين" الشهيرة
وهي أننا في الأصل قرود
ثم عبرنا أطواراً وأطواراً و أطواراً
حتى وصلنا لما نحن عليه الآن .. بـشــر << أنا عن نفسي ما كنت قردة

آخرون .. أشفقت عليهم .. أشفقت على قلوبهم الحائرة
ونظراتهم العابرة
أرواحهم مازالت معلقة بالإسلام
يشتاقون لأيام الهناء التي قضوها في فضاء الدين الحق ..
ويتذكرون اللحظات العميقة والجميلة
ما بين صلاة وذكر وقرآن
يعانون الوحدة .. والعزلة
 الأرق .. والقلق ..
ومنهم من حاول الانتحار !!
تحولوا من حياة الراحة إلى حياة الشقاء والكآبة
يعترفون .. ولا ينكرون .. لكنهم لا يعرفون
أو بالأحرى ضائعون
يقول أحدهم .. كنت ادعوا الله كثيراً .. واطلب منه الأشياء
لكنه لم يجبني! .. لم يستجب لي! .. لما يتجاهلني ؟
ألذلك ألحدت يا عزيزي !؟؟
عرفتم لما أشفق عليهم ..
هم يتخبطون مابين فطرتهم السليمة والتلوث العقلي المباغت
اعرف فيما اعرف .. أن الغوص في درجات سحيقة من أعماق البحر
قد يسبب انفجاراً لأعضاء الكائن البشري
وحتى أحدث الآلات .. تعرف حدودها !!
وهذا ما فعلوهـ هم ..
غاصوا .. توغلوا .. تغلغلوا ..
رفعوا راية الانطلاق لشكوكهم
كي تنخر بَوَاقِـي الإيمان في قلوبهم
شرّعوا الأبواب لعواصف ضارية
لتقتلع راسِيَّ أركانهم
تحيّروا في مسلمات .. ليس لهم الحق أن ينكروها!
يقول ابن تيمية:
" الإسلام يأتي بما تحتار به العقول لا ما تُـحيله ! "
لكنهم ليسوا إلا إخوان لنا
يبحثون عن الحقيقة ..
يحتاجون لمساحة .. يعرضون فيها ما يؤرقهم
ويشوب إيمانهم
يحتاجون لفرصة .. ليتحدثوا .. يناقشوا .. يجادلوا
يُخرجون ما بداخلهم من أثقال ..
يحتاجون لمن يرشدهم .. ينير لهم طريقهم
والأهم .. يحتاجون لمن يُجيب على تساؤلاتهم
بمنطق .. وعقل .. واتزان .. ورحابة صدر
فالإسلام دين الحق .. ولابد للحق أن ينتصر
وهذا ما حصل مع الكاتب المبدع " نجيب الزامل"
الذي هاجر من ارض الرخاء إلى ارض الشقاء
من النعيم إلى الجحيم
من إسلامه النقي  المنبع
للإلحاد البربري الدخيل
لكن رحمة ربه أدركته
وعادت  به قافلته أدراجها
وعاد لرشده كالغصن الغض السّوي .. 
وبدون مبالغة .. 
أغمضت عيني مراراً وتكراراً وأنا أقرأ فلسفاتهم
رددت كثيراً .. " ربي ثبت قلبي على دينك"
خِفتُ على نفسي .. أن تؤثر هذه الخزعبلات على فكري
"فأشطح" كما "شطحوا"
وأميل عن ملة أبينا إبراهيم ..
شعرت بضعفي .. وشح مخزوني ..
 وقلة علمي .. وانعدام حُجّتي
فلست أهلاً لمجادلتهم
 وهناك من هم أجدر مني ..
كانت تلك نصيحتي لنفسي
ولعزيزتي هُدى ..
فكلتانا نفتقر للأساس العلمي والشرعي
وخوض مجال الدعوة يحتاج لركائز متينة من الحجج والبراهين
وحواجز إيمانية صلبة .. تقينا الانجراف للضفة الأخرى ..
لكن ذلك لا يمنع أن ننهل من منابع المسلمين
ونقرأ ما يقوي حجتنا
ويدعم ردودنا
ويخرس خصومنا
و الهداية بيده تعالى وحده ..

أخيراً ...
(اسألك يا ولي الإسلام وأهله ..
 ثبتنا على الإسلام حتى نلقاك به)
آمين ..

هيبة صمتــ

بعض الكتب نصحتني بها تلك الخلوقة هُدى
 قد تروي ظمأ المتلهف لمعرفة دواخل ذلك العالم
 وقد تفيد في الدعوة .. وتقوية البرهان :

- (الفيزياء و وجود الخالق) لـ جعفر شيخ إدريس.                                      
- (صراع مع الملاحدة حتى العظم) لـ عبدالرحمن الميداني.                             
- (ليلة في جاردن سيتي) لـ ابن عقيل الظاهري. 
(هنا ابن عقيل يحاور عبدالله القصيمي ورد عليه بهذا الكتاب)
- (رحلتي من الشك الى اليقين وحوار مع صديقي الملحد)
  لـ مصطفى محمود  
- (كواشف زيوف) لـ عبدالرحمن الميداني.
) -للكون إله) لـ صبري الدمرداش.                                                             

هناك 5 تعليقات:

  1. جميل ما سطرته أناملك غاليتي (:
    لديك أسلوب رائع بالكتابة ماشاء الله تبارك الله
    يسعدني ويشرفني أن أكون أول من يعلق على مووضوعك
    فعلا صديقتي العزيزه
    نصيحتك في محلها
    يجب على من يناقش هؤلاء القوم أن يكون على علم ومعرفه جيده حتى يدحضهم بالحجه والبرهاان
    كنت نسيت أن أذكر لك أيضا هذا الكتاب المفيد
    واسمه تهافت الفلاسفه لأبو حامد الغزالي
    وجدته بمكتبة العبيكان هو وكتاب الفيزياء ووجود الخالق كتب رائعه بمعنى الكلمه وكلمة رائعه قليله فيها

    أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يوفقني وإياك لما فيه من خيري الدنيا والآخره وأن يرزقنا جنات الفردوس الأعلى وأن يجعل عملنا وعلمنا خالصا لوجهه الكريم

    اللهم آميين ياارب العالميين

    أختك
    هــــــدى (:

    ردحذف
  2. الجميلة بسمة، جميل ما سطرت .. لقد اخرجت كثيرا مما اختلج في صدري و لم اعرف كيف اعبر عنه نحو هذه القضية،
    لكن هاك ما اعجبني في الامر: الجميل انك بحثتي عنهم و اطلعتي على خزعبلاتهم، مما اتاح لك تكوين انطباعك الخاص عن هذا العالم الآخر، و رغم ما ينطوي عليه الامر من خطورة، الشيء الذي لم أجرؤ بعد على اقتحامه! ففاضت قريحتك .. و كانت هذه المدونة الرائعة :)
    و إليك الصدفة، لقد جمعتني مشيئة الخالق بهدى هذا الأربعاء المنصرم .. و تطرقت لموضيع كثيرة بهذا الشأن، و شدني حديثهاعن قضية الإلحاد، لانها نزلت الساحة و حاورت كثيرا من ضحاياه، و نصحتني بقائمة من الكتب التي ذكرتِ..
    لا أخفيك، الرائعة هـدى، كبرت في نظري بعد هذه المحادثة..
    و اصبح الامر يشغلني بدرجة كبيرة منذ ذلك اليوم.. كيف نجتذبهم الينا هؤلاء الضائعون؟ أبالمعاملة الحسنة أيضا، بالحكمة و الموعظة الحسنة، و "جادلهم بالتي هي احسن"..؟
    الكثير يندفع الى مثل هؤلاء مهاجما، مقرِّعا، لائما، حيث ينبغي فقط ان نمسكم بأيديهم تماما من النقطة التي وصلوا إليها، بعد ان ندرسهم جيدا قبل ان نبدا معهم .. و غالبا ما يتطلب ذلك فهم مفاتيح النفس البشرية، فيكون الوصول اليهم اسهل من اقامة الحجة و إشهار براهين العقل..
    هـدى، دائما ما وجدت صمت هذه الفتاة يحمل الكثير، لديها من اللطافة و حسن المعاملة ما يخولها لان تمس قلوب الكثير من البشر، و من نظراتها علمت انها تحمل رسالة سامية،
    هـدى، معجبة بمبادراتك، و التي ارجوا ان تؤتي ثمارها عما قريب.. تابعي طريقك، ادرسي خصمك قبل ان تباغتيه، و لا يثنيك شيء، استعيني بالله، فالدعوة باب عظيم و لم اسمع باحد أرقه هم الدعوة الا و كان الله نصيره والتوفيق حليفه..

    و اخيرا، عزيزتي بـسمة، ارجوك تابعي التدوين.. تابعي العيش بشغف، احب احساسك بالناس، بالأشياء و القضايا حولك، احب رؤيتك الفريدة لكل شيء
    فانا يوما بعد يوما أزداد تعلقا بهذه المدونة
    دمتي بكل الحب و الخير :)

    ردحذف
  3. هُـدى ..
    حينما انطق اسمك .. اشعر وكأني في سباق
    هل ابتسم أولاً .. أم اترنم بأسمك قبلها؟

    عزيزتي ..
    أسأل الله أن يوفقك لما يحبه ويرضاه..
    وليبارك مجهودك وطموحك وعلو همتك ..
    وثقي أنني دائماً بجانبك
    يدي بيدك .. فهموم أمتنا واحدة
    ارجو العلي القدير أن
    يعينني وإياك والمسلمين
    على الدعوة لدينه العظيم..

    ردحذف
  4. غدوو ..
    ياخطي الموازي .. بيد اننا ناقضنا الواقع
    واصبحنا نلتقي في نقطة ما !!

    ياشبيهتي ! ..
    أنا أيضاً تستهويني كلماتك .. صدقك
    هدوءك .. جرأتك.. طموحك ..
    أرى في روحك الخجولة الكثير من ذاتي

    وإليك العبرة :إن كانت قد اعجبتك كلماتي
    فهي نداء لي ولك وللجميع ..
    بأن ننفض الغبار عن عقولنا
    ونستأصل الخمول عن جزيئات كياننا
    ونحمل هم أمتنا العظيمة .. وديننا الشامخ
    فقد سئمنا أنانية ..
    آن لنا ان نحرق راية : نفسي نفسي
    وأن نكتب بالذهب الخالص :همي ديني ..وأمتي

    كل الود ~

    ردحذف
  5. لا أجد كلمات أعبر بها عما كتبتي ولكن أهنئ نفسي على صديقة مثلك و شرف لي أن أقرأ كلماتك القوية التي لا أملك الجرأة لكي أثني عليها بكلمات مثلها ولا حتى أقل منها
    فأنا وكما تعلمين لست ممن يكتبون الكلمات الرائعة
    شكرا لك على طرحك لهذه القضية المهمة و أسأل المولى أن يثبتنا على الدين الحق
    دمتي بود

    ردحذف